هيئة الترفيه- بين الطموح والواقع المجتمعي
المؤلف: عبده خال08.16.2025

في مجلس بهيج ضم نخبة من الأصدقاء، احتدم النقاش حول جدوى وجود هيئة الترفيه، وتأثيرها المحتمل في إرساء دعائم لحياة اجتماعية نابضة بالحياة، دون المساس بتقاليد المجتمع وقيمه الراسخة. وقبل أن يستفيض الحديث وتتشعب مساراته، بادر أحدهم بالقول إن الهيئة قد تراجعت عن طموحاتها الجريئة، وذلك لوجود أصوات تنادي بأن الحفلات الغنائية تشجع على الاختلاط غير المرغوب فيه.
فصحت من فوري في وجه صديقي:
- تمهل يا صاحبي.. ما هذه الاعتراضات الهشة؟
قاطعني بتعالٍ:
- رويدك، فهذه وجهات نظر لها وزنها ومكانتها.
فأردفت قائلا: الرأي ليس نصا مقدسا لا يأتيه الباطل، بل هو مجرد وجهة نظر قابلة للنقاش والتفنيد. ثم إن مجتمعنا يتكون من فسيفساء من الشرائح المتنوعة، فمن الممكن أن ترفض شريحة معينة فكرة السينما أو الحفلات الغنائية، بينما تحتضنها شرائح أخرى بكل ترحاب. وما دام الأمر مجرد آراء، فهناك حجج دامغة تدحض هذا الرأي وتنزعه من دائرة التعميم والفرض.
وصمت برهة، ثم وجهت إليهم سؤالا مفاجئا:
- هل أنتم تعيشون في كنف الواقع المعاصر، أم أنكم ما زلتم أسرى زمن الأبيض والأسود، حيث كان الناس يتلقون الرأي الواحد الأوحد دون تمحيص أو تدقيق؟ وهذا هو مطلع تساؤلي، ولكي أستكمله حول التحولات الزمنية في حياة الناس، سأقول لكم: كل بيت اليوم بات يمتلك سينما خاصة به، وذلك من خلال القنوات الفضائية المتنوعة المنتشرة في كل مكان. وإذا كان الهاجس هو من الأفلام المبتذلة أو الأفكار الضالة، فهذه الأمور تحدث في الخفاء داخل البيوت، وليست أمام أعين الناس في العلن. ولأننا أمة تبالغ في فرض الرقابة الاجتماعية، فإننا ندفع الناس إلى ممارسة كل شيء في الخفاء، مما جعل البيوت ملاذا غير آمن، حيث تمارس فيها كل الأمور التي نخشى ظهورها في واضحة النهار. وهكذا أصبحنا مجتمعا محافظا ظاهريا، ولكنه يحوي قدرا كبيرا من التناقض، أي أن الصورة الأمامية المشرقة لها وجه خلفي مظلم أكثر مما نتصور.
فقاطعني أحد الأصدقاء قائلا: هذا أهون من المجاهرة بالرذائل؟
فأجبته: عندما يكون الفعل غير محرم شرعا، ولكن لا يحق لك ممارسته إلا داخل جدران منزلك، فإن ذلك يؤدي إلى ممارسة كل الرذائل مجتمعة داخل البيت... وهذه هي الكارثة الحقيقية التي نعيشها. بمعنى آخر: دعوا الناس تعيش حياتها بصورة طبيعية، وسوف يكون المجتمع هو الرقيب الأمين على أي تصرف يخدش الحياء أو يمس الذوق العام.
فقال أحدهم مدافعا: دعك من هذه الفلسفات، فهذه آراء شرعية معتبرة.
فأجبته بكل ثقة: الحاجة أم الاختراع، والاحتياج يخلق الفعل الموازي لأي رأي يحاول منعه من ممارسة حياته الطبيعية.
وربما احتجت إلى استنشاق جرعة من الهواء النقي قبل أن أطرح سؤالي المحوري:
- ما الجدوى من وجود هيئة للترفيه وهي لا تستطيع أن تفعل أي شيء يجلب السعادة للناس؟ فكلما اتجهت في مسار معين، قيل لها: قفي مكانك، لا تتجاوزي هذا الحد. وكأن هذه الهيئة تردد البيت الشعري الشهير:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له... إياك إياك أن تبتل بالماء.
فصحت من فوري في وجه صديقي:
- تمهل يا صاحبي.. ما هذه الاعتراضات الهشة؟
قاطعني بتعالٍ:
- رويدك، فهذه وجهات نظر لها وزنها ومكانتها.
فأردفت قائلا: الرأي ليس نصا مقدسا لا يأتيه الباطل، بل هو مجرد وجهة نظر قابلة للنقاش والتفنيد. ثم إن مجتمعنا يتكون من فسيفساء من الشرائح المتنوعة، فمن الممكن أن ترفض شريحة معينة فكرة السينما أو الحفلات الغنائية، بينما تحتضنها شرائح أخرى بكل ترحاب. وما دام الأمر مجرد آراء، فهناك حجج دامغة تدحض هذا الرأي وتنزعه من دائرة التعميم والفرض.
وصمت برهة، ثم وجهت إليهم سؤالا مفاجئا:
- هل أنتم تعيشون في كنف الواقع المعاصر، أم أنكم ما زلتم أسرى زمن الأبيض والأسود، حيث كان الناس يتلقون الرأي الواحد الأوحد دون تمحيص أو تدقيق؟ وهذا هو مطلع تساؤلي، ولكي أستكمله حول التحولات الزمنية في حياة الناس، سأقول لكم: كل بيت اليوم بات يمتلك سينما خاصة به، وذلك من خلال القنوات الفضائية المتنوعة المنتشرة في كل مكان. وإذا كان الهاجس هو من الأفلام المبتذلة أو الأفكار الضالة، فهذه الأمور تحدث في الخفاء داخل البيوت، وليست أمام أعين الناس في العلن. ولأننا أمة تبالغ في فرض الرقابة الاجتماعية، فإننا ندفع الناس إلى ممارسة كل شيء في الخفاء، مما جعل البيوت ملاذا غير آمن، حيث تمارس فيها كل الأمور التي نخشى ظهورها في واضحة النهار. وهكذا أصبحنا مجتمعا محافظا ظاهريا، ولكنه يحوي قدرا كبيرا من التناقض، أي أن الصورة الأمامية المشرقة لها وجه خلفي مظلم أكثر مما نتصور.
فقاطعني أحد الأصدقاء قائلا: هذا أهون من المجاهرة بالرذائل؟
فأجبته: عندما يكون الفعل غير محرم شرعا، ولكن لا يحق لك ممارسته إلا داخل جدران منزلك، فإن ذلك يؤدي إلى ممارسة كل الرذائل مجتمعة داخل البيت... وهذه هي الكارثة الحقيقية التي نعيشها. بمعنى آخر: دعوا الناس تعيش حياتها بصورة طبيعية، وسوف يكون المجتمع هو الرقيب الأمين على أي تصرف يخدش الحياء أو يمس الذوق العام.
فقال أحدهم مدافعا: دعك من هذه الفلسفات، فهذه آراء شرعية معتبرة.
فأجبته بكل ثقة: الحاجة أم الاختراع، والاحتياج يخلق الفعل الموازي لأي رأي يحاول منعه من ممارسة حياته الطبيعية.
وربما احتجت إلى استنشاق جرعة من الهواء النقي قبل أن أطرح سؤالي المحوري:
- ما الجدوى من وجود هيئة للترفيه وهي لا تستطيع أن تفعل أي شيء يجلب السعادة للناس؟ فكلما اتجهت في مسار معين، قيل لها: قفي مكانك، لا تتجاوزي هذا الحد. وكأن هذه الهيئة تردد البيت الشعري الشهير:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له... إياك إياك أن تبتل بالماء.